ثقافةُ الجاهلين
مُذ سَمعَ تلك الكلمةَ الّتي جَرحته بأنّه جاهلٌ في كلِّ شيءٍ يُقال، بأنّه لا يفقه شيئاً، لا مكانَ له في جلساتِ المُثقفين، قررَ الانفراد بذاتِه كما ينفردُ الجَلادُ بالسَّجين، فكلماتُهم لم تكن مُجرَّد كلمات، بل كانت شظايا تُمزِّق روحه، سهماً خرقَ قلبَه، بكلّ موقفٍ ضحك فيه كان يبكي عشرات المرّات لكن دون دُموع، حينها لجأ إلى ذاته فكتب وكتب وكتب ثمَّ محا ما كتبه، فكلُّه بلا جدوى.
أكلَ كُتبه وكانت تتآكل روحه، انفرَد بغرفةٍ مع رُفقائِه الجُدد(الكُتب) وانعزلَ عن العالمِ؛ ليُصبحَ بنظرِهم المُثقَّف، الآن عِندما انتهى وخرج لهم قالوا لا نجلس معه فهذا مُعقَّدٌ مُتوحِّد.. أصابه صمتٌ كما صَمت القُبور، لم يجرؤ بالرَّدِ عليهم، وعِندما نظرَ إلى المرآةِ رأى فتًى يُشبهه قال له: اذهب وحلِّق من أعلى المنزل سيكون الموقفُ لطيفاً، أو خُذ حبلاً وارتدِه كقلادةٍ،ثمّ تأرجح به، وها هو فعلها، فودَّعكم وإلى الأبدِ أيّها المُثقَّفون.
أسماء عبداللّٰه خنفر
1 تعليقات
جميل
ردحذف