هجرانٌ سرمديٌ
هجَرتني دونَ أعذارٍ أو مبرراتٍ، رحلتَ دونَ إلقاء تحيةِ الوداعِ حتى، غِبْتَ عنّي تارِكًا شرخًا من الحُزنِ و الخوفِ في أجوفِ صدري، حاولتُ لمراتٍ عديدةٍ أن أتقبلَ فكرةَ جفاكَ و إبتعادكَ الأبَدي، إنتظرتُكَ كثيرًا و دونَ جدوى، أَهدَرتُ أيامي في إرتقابِ عودَتِكَ، بذلتُ وقتي تجاهَ شيءٍ ما كانَ يومًا ولنْ يكونَ، أيقَنتُ أنني و مع مَضِي الزَمنِ تركتُ مهجتي عالقةً في الأيامِ التي إنقضت برفقتكَ.
مرَّت الأعوامُ كالعُقودِ ولا زلتُ لا أستطيعُ استساغةَ فكرةِ إيابِك دونَ رجوعٍ، آلمتَ قلبي بشدةٍ و ما من دواءٍ يشفي أوجاعي و الآمي سواكَ، أنزلتَ بقلبي العذابَ و أشعلتَ النيرانَ أوسطَ روحي، فبتُّ رمادًا مُنطفئًا على حافةِ الطريق لا يُرى، كصحيفةٍ ورقيةٍ على الرفِّ المهترئ في القرنِ الواحِدِ و العشرين، كأوراقِ الشجرِ وسطَ الخريفِ، اختلفتْ حياتي كثيرًا عمّا خَلف، فمن قبلكَ كُنتُ الفتاةَ المُفعمةَ بالطاقةِ و الحياةِ، أما بِبُعدكَ صُرتُ عجوزَ العشرينِ التي أرهقها التفكُيرُ و أتعبتها السنينُ العجافُ، فانطفأت و تلاشتْ رغبتي بإتمامِ ما تبقى من سنينٍ لأحياها و ما من مُعيدٍ لبهجتي إليّ سواكَ أنتَ يا آخِذها، يا سالبَ السعادةِ و الطمأنينةِ،يا سارِقَ الأحلامِ و الطُموحاتِ، يا فقيدَ الروحِ و يا مُعذبَ الفُؤاد، رجائي منكَ ألا تعودَ مجددًا، فكُلُّ ما ارتكبتَهُ بحقي لا يُغفرُ ولا يمضي من الذاكرةِ.
الآء عبد الجبار كايد
0 تعليقات