الحجاب
بعيدًا عن انتحالات المبطلين، وتأويلات الجاهلين ما أجمل الإسلام من منهج لحياة النّاس، فهو من آثار جمال الله الّذي لا منتهى لجماله في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله. وقد جاء خاتمًا للأديان ومكمّلًا للشّرائع السّماوية، إنّ أحكامه وشرائعه متناسقة متكاملة ينتظم بعضها مع بعض كانتظام العقد البديع وتتلاءم مع كل زمان ومكان. لكنّ المؤسف أنّ البعض يركزون على جزئيّة واحدة في الإسلام مثل حريّة الفكر أو الحريّة الشّخصيّة والأهمّ حريّة المرأة الّتي يحرّضون عليها في مجتمعاتنا اليوم معتبرين أنّها ناقصة قدرٍ والإسلام لم ينصفها مقارنةً بالرّجل.
كرّم الإسلام بأحكامه وشريعته الإنسان وميّزه عن سائر المخلوقات. كما جاء في قول الله تعالى:《ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البرّ والبحر ورزقناهم من الطّيّبات وفضّلناهم على كثيرٍ ممّن خلقنا تفضيلا》وقد ساوى الله بين الذّكر والأنثى في التّكريم والتّكليف والجزاء من ثوابٍ وعقابٍ؛ كلٌّ حسب سعيه، وعمله، والتزامه بأوامر الله تعالى واجتناب نواهيه، قال تعالى: 《من عمل صالحًا من ذكرٍ وأنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينَّه حياةً طيّبةً ولنجزينّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون》 حيث أعطى الإسلام المرأة مكانةً موازيةً لمكانةِ الرّجل، وأقرّ لها من الحقوق ما للرّجل، وعليها من الواجبات ما عليه. كما روت أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: "نعم، إنّما النّساء شقائق الرّجال."
من المعروف أنّ الله تعالى خصَّ النّساء بأحكام تتناسب وطبيعتهنّ الّتي خلقن عليها وفطرن بها، ومن بين ما خُصَّت به النّساء من الأحكام فيما يتعلّق باللّباس: الحجاب. وإنّ للحجاب فضائل وفوائد عديدة تعود على المرأة الملتزمة به وعلى المجتمع، ففي التزام المرأة بالحجاب التزامٌ بأمر الله تعالى، وطاعةٌ له، وتعظيمٌ لحرماته، ومن ثمّ الفوز برضاه. كما أنّه يقيها غالبًا من الأذى ففيه حفظٌ لأعراض المسلمين وصونٌ لها ممّا قد يلوّثها. في التزام الحجاب نشرٌ لقيم الفضيلة والعفّة في المجتمع وتعزيزٌ لها، كما أنّه مظهرٌ من مظاهر الهويّة الإسلاميّة الّتي تميّز المسلمة عن غيرها.
لكنّ المؤسف هو انتشار ظاهرة خلع الحجاب في الآونة الأخيرة تحت عنوان #Free_from_hijab وكأنّه كان عائقًا ومقيّدًا. أبرزها كان في أوساط الكاتبات والمدرّبات في مجال دورات وورش جذب الثّروة الماليّة والزّوج، وورش تحقيق الأحلام والرّغبات القلبية، وشفاء العلاقات وقواعد الأنوثة والحبّ والسّلام وغيرها من الدّورات الحديثة الّتي ملأت السّوق الفكري والتّجاري. الغريب أنّ هذا تمرّد على فرض ديني لا اختلاف عليه بين علماء الدّين وهو يمنح المرأة جمالًا ووقارًا "علّموا بناتكم أنَّ الحجاب لا ينقص من جمالهنَّ شيئًا"، خلع الحجاب تحت بند حريّة شخصيّة وتحرّر من قيده نحو السّعادة والامتداد النّفسي اللّامحدود وكأنّهنَّ يلمّحن أنّ الحجاب سجن فكري يعتقل العقل ويأسر الحريّة الفكريّة. والّذي يلفت الانتباه هو أنهنّ ينشرن عبارات التّهنئة لخلعهنّ الحجاب ويتباهين بها ويحاولن تلقي الدّعم النّفسي من العبارات المشجّعة على وسائل التّواصل الإجتماعي ويتجنّبن الرّد على عبارات النّصح والعتاب والانتقادات السّلبيّة الّتي تكتب تجاه قرارهنّ.
"حريّتك الشّخصيّة تنتهي عند حدود الله، أنتَ عبدالله فتأدّب." ، ولو مارستم حريّاتكم فافعلوا بصمت دون تسميم العقول والتّأثير على ضعفاء الشّخصيّات من حولكم. الحجاب لم ولن يكون عائقًا أمام من تريد النّجاح ومن تدّعي ذلك تريد فقط أن تجعل منه ذريعة لتبرير فشلها. وانظر إلى تاريخ المرأة عبر كلّ التّشريعات لن تجدَ منصفًا كما الإسلام.
《يا أيّها الّذين آمنوا ادخلوا في السّلم كافّةً ولا تتّبعوا خطوات الشّيطان إنّه لكم عدوٌّ مبينٌ》 (البقرة ٢٠٨).
0 تعليقات