إنضم لنا

مجلة مبادرة ادعم موهبتك

روتين مُنتَحِر، بقلم : غيداء خالد ياغي

 روتين مُنتَحِر   


أما أنا فشخصٍ تفصيليّ جدًا

أعيش في تفاصيل يومي بطريقة مميتة، ابدأ يومي من خروجي من سريري بِخير، ثم أعود إليه مساءًا انتحاريّ، تُهلكني تفاصيل الأشخاص، الوقت، زوامير السيارات، أصوات الناس، ضجيج المواصلات، وحركة الأطفال.


أستطيع التحديق على حركة الدقائق وكيف تميل جانبًا وجانبًا إلى أن تستقيم بالعكس، قد أُزعَج طيلة اليوم بسبب نظرة استخفاف من أحدهم لآخر يتحدث في موضوع مُشوّقهُ للغاية، أعيشُ يومي أحلل نبرة صوت "صباح الخير" المَقولة من أحدهم؛ هل كان بخير عندما قالها؟ أم مجرد روتين يُكتمه؟

قد أبكي احيانًا في السر بسبب غضبي على نكتة قِيلت على سبيل المزاح، أفكر ما إن كانت الحقيقة المُرّة بداخل النكته المُضحكة؟ 

أشعر بالضيق عندما أرى تنهيدات الآخرين، وأنا أرى التنهيدات، المسموعة للجميع، أبدأ بتحليلها واحدة تِلوَ الأخرى، أيّهُم تنهيدة وجع وأيّهُم معبرّة عن ملل، وأيّهم كانت زفير؟ 


أهتم كثيرًا بطريقة الوداع أو قَول إلى اللقاء، 

تأخذني أفكاري بعيدًا هل سيكون بعد "إلى اللقاء" هذه لِقاء أم أنّها "إلى اللقاء" مُختلفة؟

وأعيش يَومي كل يوم بطريقة مُزعجة كهذه أو أشدّ قسوة، قد أُصاب بالبَرد بسبب رؤيتي لانطفاء أحدهم، قد أصاب بالغيثان بسبب كيفية نظرات أحدهم، كلمةٌ واحدة من جملة ما، في تلك الجريدة التي لمحتها صدفة قد تُعكِّر مزاجي لساعات،،

أنا أعاني

أعيش يومي أُحارب هالات الآخرين حتى لا أعلَق في إحداها..

 ومن ثم تنطفئ هالتي

أنا شخص تفصيليّ جدا، أو انتحاريّ جدًا 

فقد تقودني رؤيتي لموقف في غضون ثوانٍ على قارعة الطريق إلى الإنتحار.


 

إرسال تعليق

0 تعليقات