شَقَقْتُ طَريقًا بَعيدًا عن القافلةِ مُحاولةً تقديس وَحْدَةٍ تَعْنيني جِدًّا.. رُحْتُ أسيرُ وَأسيرُ أَقْتفي خطوات شيطانٍ ما، كأنّي في دَوّامةِ جَهَنَّم -رغم أنّنا لا نعرفُ عنها شيئًا لكنّ هذا التّشبيه كانَ الأقربَ لذهني- وخُطايَ مُثْقَلةٌ أجرُّ رجليَّ وأحسُّها تُسْحَبُ للخلفِ. على ظهري جعبةُ أحلامٍ مهزومةٍ، الكثيرُ منَ الأقلامِ وبعضُ الأحرفِ الّتي أَبَتْ إلّا أن ترافقَني لتشهدَ على موتي ..
الإناءُ فَرِغٌ والظّمَأُ يتسلّلُ، "ها هي الواحةُ سأستقرُّ هُنا لصباحِ اليوم التّالي" وما إن أَصِلُها حَتّى أجدَها سَرابًا؛ هكذا عُذِّبْتُ عشرات المرّات ..
لسْتُ أدري كم مرَّ من الوقتِ لكنّني اسْتشعرْتُ تنهيدةَ فؤادٍ ملؤُها الألم وما كانَت نبضاتُه إلّا أجراسَ كنيسةٍ تُعلِنُ النّهاية.
خَفَّت لهثاتي وَجَفَّت دموعي والشَّمسُ خَضَبَتْ بياضَ وجهِي، ألقَت سهامَها بجميعِ الجهاتِ فأينَما نظرْتُ تصدُّني وكأنّها خاصمَت العسلَ في عينَيَّ..
ذابَت رُكبَتاي ثمَّ سقطْتُ في هُوّةٍ سَحيقَةٍ، خيّمَ السَّحابُ الدّاكنُ السّواد وكأنّهُ شامتٌ بِحالي، دَلَيْتُ أجفاني وارتمَيْتُ جاثِيةً، تنهّدْتُ، شهِقْتُ، استغَثْتُ، لكنْ بِغيرِ جدوى ..
حَشْرَجَت روحي في النّزعِ الأخيرِ وانهمرَت دمعةٌ وحيدةٌ معاندةً قسوةَ العيشِ، بعدها تعانقَتِ الرّموشُ وخرجَتِ الأقلامُ تحاولُ ترتيبَ الأحرفِ علَّها تصنعُ رسالةَ وداعٍ لِغُيّابِ عُمْرٍ، لكنّها النّهاية ..
وَرَحَلْت..
ملاك الأطرش
1 تعليقات
👌👏❤
ردحذف