نزيفُ عين
في آخرِ الدُجى ، يعمُّ الهدوءَ المكان، يذهبُ الجميعُ لفراشهِ ، منهم من يغمض عيناه ينعمُ بسَكِينة ، وينام مرتاحًا ، ومنهم من يغمض عيناه ويبقى عقلَه يقظاً في ليلٍ مكفهّر ، متشرداً ، مزَّقَ الدهرُ خلايا قلبه بسِكِّينة، يأسفُ عمّا مضى من عمره وهو مكتوف اليدين .
أقلامي صامتة ، لا حياةَ فيها ، حبرها تحوّلَ إلى قطراتٍ أشبه ما تكون دمعًا من غيرِ عين ، أيا حسرةَ قلبٍ على أمٍ ثَكلى ، حضنها الدافئ تجمدَ من آهاتِ الزمن ، الحياة أصبحت بنظرها أشدّ رهبة من الموتِ وهي بين الخوف والوهم ..
كم من مرةٍ كفكفت دموعها محاولة النسيان !
فانهالت من جديد ، ومن ثم تنهيدة مصطحبة بغصةِ وجع تستقرُّ في جوفِها عمّا سلبت منها الحياة .
كاتمةٌ هي ، لا تظهر ضعفها إلّا في جوفِ الليل ،
وفي الصباحِ تكون بارعة في اصطناعِ ابتسامة باردة على وجهِها لتخبئ عَبرتها خلفها ، بالرغم من كل شيء حولها يذكرها بفقيدها .
ثم يعود الليل من جديدٍ لتجلس بترددٍ على سريرِها وتتذكر صلابتَها ومعاناتها اليومية ، وتصفق لنفسها وتقول لقد صمدتِ في تلك المعركة ، فأنتِ طوال يومك تتفوهين بكلمة أنا بخير وفي الحقيقة لستِ كذلك .
0 تعليقات