إنضم لنا

مجلة مبادرة ادعم موهبتك

خريف الروح، بقلم : هدى عمر خليل

 خريفُ الروح


في أعقابِ التسعيناتِ، فتاةٌ ذاتَ شعرٍ عسلي تتألقُ بـمعطفٍ أسود، يكسو وجهها ملامحُ الخُذلانِ والحُزنِ والألمِ، فتاةٌ كُسرتْ، قُتلَ داخلها بسببِ حرقٍ بسيطٍ أخفى جُزء مِنْ جمالها، عُذبتْ على شيءٍ ليسَ لها علاقةٌ بهِ، حكم عَليها النّاسُ بـأنّ تكونَ منبوذةً عَلى عكسِ غيرها. 


وحيدةٌ في زمنِ الإِئْتلافِ، تُحاربُ معاركَ الحياة لـوحدها بلا رفيقٍ ولا حبيب، كـوردةٍ ذابلةِ في بُستانٍ مليئ بـالورودِ الزاهيةِ، دموعها رفيقةُ لياليها، ذكرياتها تَعصفُ بها، ما بينَ خدشٍ مِنْ مَن أحبتهُ وأهدتهُ قلبها، وخَدشٌ مِنْ مَن ألقى عَليها نظرات كـالسهمِ تحملُ استغرابًا، وفي داخلها اسئلةٌ تفتقرُ لـمئاتِ الأجوبةِ. 


غارقةٌ في بحرِ اللومِ، شاردةٌ في حالها قبل هذا، هي مَن كانت حديثَ الجميعِ بـحسنها ونقاءِ وجهها، بـأنّها الفتاةُ الساحرةُ المُميزةُ التي تحظى بـحُبِّ القريبِ والغريبِ لها، بـكونها القمةَ التي يسعى الكُلّ لها، أمّا الآن لا شيء مَن هذا، ها هي حديثُ الجميعِ ومحطُ شفقتهم، والفتاةُ التي كـالسرابِ لا وجودَ لها بينهم.


احتلني السواد وتغلغلُ لـجوفي ظلامٌ دامسٌ قضى عَلى ما تَبقى بي مِنْ أملٍ، وخَلقَ أوجاعًا لن يَمحوها الزمنُ، وخَريفًا أبدي لا ربيعَ بَعدهُ. 


إرسال تعليق

0 تعليقات