يتلصص الشَّوْق حَامِلًا معه قِنْدِيلًا يَشِع نُور الوَجْد مِنْه ، يَتَجَوَّل بَيْن طَيَّات فُؤَادِي ، بِصَمْتٍ مُرَاوِغٍ فِي السَّمَرِ ؛ ليُذكّرني بِذَاك الرَّاحِل الَّذِي أَمْعَنَ فِي النَّوَى ، مُذ أَن خَفَق مُضْغَةٌ فِي يَسَارِ قَلْبِي لَه ، يَذْكِّرُنِي بِه ، ولَا يَدْرِي أَنَّهُ مُسْتَوْطِنٌ احشائي ، وَجَلِيس عَقْلِيّ وافكاري .
يَسرقُني مِنْ بَيْنِ الْحَاضِرِينَ كَأَنَّهُ مَارِد ، مُطْمَئِنًّا عَلَى حُبِّ أَضْحَى صَرٌّ يَرعشُ اوتنة قَلْبِي و يُتلتل صَبَابتي الَّتِي تَكَوَّم عَلَيْهَا غُبَار النِّسْيَان ، يَعْتَصَرُ رُوحِي شَوْقاً و أَلَماً لِذَاك التَّائِه بَيْن ثَنَايَا عَراء بَهجتي و هُو سَقِيم ، ظَنَنْتُ أَنَّهُ اجتثني مِن مُهْجَتِه مُنْذ إنْ اشْتَدَّ بِي الْجَوَىٰ ، أُسَبِّح فِي بَحْرِ تِلْك الظُّنُون الَّتِي كَادَتْ أَنْ تُغرقني ، بِرُؤْيَة أَزَفّ شَوْقَ قُرَّةُ عَيْنِي صوبي مُجَدَّدًا ، و بِإلْحَاحٍ هَجَس فِي أُذني حُرُوف مشوشة و كَأَنَّهَا طلاسم يعتاص عليَّ فَهْمِهَا ، أَرْهَقَتْنِي تِلْكَ الْكَلِمَاتِ الْمُبْهَمَة ، تَصْدَح بِأَصْوَاتٍ لَا مَحِيصَ لِي مِنْهَا ، يتغلغل فِي غَوْرِ أُذني ؛ لِيَصْدُر طنيناً صاخِباً ثُمَّ يَسْكُن و يُرَدِّد : "سيبقى وصَالُنا رغم الْبُعْد عملاقاً . ذَاك الفَقيد يَتُوق لَك اسْتَيْقَظَ مِنْ غفلتك عُد إلَى رُشْدَك . . . . عُد إلَى رُشْدَك " .
0 تعليقات