" السؤال الحرام "
أنا رجل بلونٍ منعدم، قوانين الجاذبية لا تسري على رأسي حين أستمع للموسيقى، سيءٌ لو أعجبتُ إحداهن.
كل الألوان تبدو حزينة قاتمة حين يشرق ليلي، لا أبحثُ عن معطيات الحياة وفهمها - لأنني أفهمها- ولكنني لم أفهم صيغة الرحيل بعد.
كل الذين رحلوا أخذوا قطعة من وجهي، واستبدلوها برقعة بلون الغياب، فصار كما الليل، رغم بياض بشرتي، كنتُ أتساءل كثيرًا، ما الذي دفعني للغياب
ما هذا القيد الذي يشدّني من ناصيتي، كمومس مذَنّبة، نحو وحدتي، التي تحتل المرتبة الثانية في العشق بعد أمّي، لكنني لم أكن أعرف يومًا كيف أحكم قبضتي على مرادفات تهزّني، فلا أعرف للقصيدة وزنًا ولا قافية، ولا أعرف صياغة سؤال لكي أنسجه ببراعة كما الذي تقرأونه الآن، فعرفت أنه من الأفضل أن لا أعرف، بعض المعرفة حرام يا سادة، بعض الأسئلة طلسم نجس، حمل سِفاح، لا يجوز السؤال عنه، بيد أنني وكما فعلتُ دومًا، لا أحب أن يُحرّم شيء في جسدي على الأقل، وعرفت السؤال، قبلها، وعلى عتبات ضجيج الليل حين يعم الصمت فيه معلنًا قدومه، سمعت مناديًا، ظننته قادمًا من ثمالتي، الوسكي لا تفارق يدي كما سجائري، سمعت صوتا يقول، أيها الشقيّ، هاك السؤال فاقرأه، ولا تنتظر ماذا سيحدث بعدها، لأنك حتمًا ستجن.
كان بادئ السؤال يسيرًا، سهل المنال، أمّا نهايته فكانت ثقيلة كأُحد، أثقل من حقيبتي المدرسية يوم تسليم الكتب، والسؤال لكم أيضًا، أنا عرفت الجواب وإن كنتُم لا تُريدون شقاءًا طيلة حياتكم، فاغلقوا ما تقرأون، وعودوا للهوكم، قسمًا بأمي، هذا شقاء لن يبرحكم.
السؤال :
إن كان الغياب وجه آخر من أوجه الموت، لماذا تركنا أنفسنا للموت، لماذا أفلتنا تلك الأيدي، لنحيى في موت آخر !
0 تعليقات