إنضم لنا

مجلة مبادرة ادعم موهبتك

نص، بقلم: زياد السيقلي

 


لَمْ أُولَدْ فِي بَيْتٍ أَوْ عَلَى يَدَيِ قَابِلَةٍ

       إِنَّمَا وُلِدْتُ فِي المَشْفَى 

حِيْنَما هَرَبَتْ أُمِّي مِنْ عَمَّتِي النَّائِمَةِ

وَتَسَلَّلَتْ عَبْرَ السِّيَاجِ خَوْفَاً مِنْ دَبَّابةٍ

تَحْرُسُ جُنُودَ المُحْتَلِ مِنْ أَزِيزِ الرِّيَاحِ

لَمْ تَكُنْ أُمي حُبلي بي يوم ذَلِكَ 

إِنَّمَا كَانَتْ تُعَانِقُنِي وَتَرَانِي شَابَّاً وَسِيمَاً

وَلَرُبَّما دُكتُورًا جمِيلاً وَلَكنَّنِي لَسْتُ كَذَلِكْ

أُمِّي ، لَمْ أَنْجَحْ حَتَّى بِأَنْ أَكُونَ مَا أُرِيدْ

جَرَّبْتُ الرَّسْمَ فَرَسَمْتُ نِصْفَ فَراشَةٍ

مَسَكْتُ القَلَمَ فَدَوَّنْتُ نِصْفَ خَاطِرَةٍ

حَتَّى تِلْكَ الفَتَاةِ التِي قُلْتُ لَهَا يَوْمَ ذَاكْ

عَلِّمِينِي الحُبُ لِأُعَلِّمَكِ الرَّسْمُ

عَلِّمِينِي الشِّعْرُ لِأُعَلِّمَكِ الطَّيْرُ

كُنْتُ لَهَا وَردَةً فَحَطَّتْ رَحِيقَهَا

عَلَى شَفَتَيْ شَاعِرٍ كَتَبَ لَهَا

ضَعِي َرحِيقَكِ هُنَا فَأَنَا عُدْتُ مِنْ جَدِيدْ

فَكُنْتُ أَنَا قَاعَةُ الانْتِظَارِ

وُلِدْتُ عَصْرَاً وكَبِرْتُ فَجْرَاً

حَلِمْتُ بِمَا أُرِيدُ وَأَرَدْتُ التَّحْقِيقَ

وَلَكِنَّهُ السُّؤالْ ، هَلْ مَا زِلْتُ حَيَّاً

أَمْ أَنَّنِي مِتُ يَوْمَ خَرَجْتُ

مِن رَحِمِكِ وَرَحْمَتِكِ

عَانِقِينِي عِنَاقَ الغَائِبِ

عَلَّكِ تَرِينَ رُوحِي

وَعَلَّكِ تَجِدِينَنِي 

بَيْنَ صُورَةِ الجِدَارِ

  وَعَيْنَيْكِ 

وَلَكِنَّ شَيْئَاً مَا يَنْقُصُنِي

وَكَأَنَّ قَلْبِي يَقُولُ لِي

دَعْكَ مِنِّي وإبتعدْ عنِي

فَإِنِّي سَئِمْتُ مِنْكَ وَمِنِي

إلى أَينَ يُؤَدِي هَذَا الطَّرِيقِ

فَلَدَيَّ حُلُماً وَلَدَيَّ هَدَفَاً لَمْ يُحَقَّقْ بَعْدْ

سَأَمْضِي فِي الطَّرِيقِ 

فَإِنَّ الأَحْلَامَ وَالأَهْدَافَ

تَعْرِفُنُا مِنْ قَبْلَ الوِلَادَةِ لَكِنَّنَا لا نَعْرِفُها

وَتَرَانَا ولَكِنَّنَا لا نَرَاهَا

لِكُلِّ وَاحِدٍ نَصِيبٌ

أَزْهَارٌ تُزَيِّنُ هَذَا الطَّرِيقِ 

وَاْخْتَلَطَتْ عَلَى عَتَبَاتِهِ

رَائِحَةَ العِطْرِ بالنَّبِيذِ

وَالشَّمْسُ يَحْجِبُها النَّدَى

والنَّدَى يَحْجِبُ رُؤْيَتِي

سَأَمْضِي فِي هَذَا الطَّرِيقِ

سَأَفْعَلُ مَا فَعَلَ دَروِيشْ

عَلِّي أَجِدُ نَفْسِي ، عَلِّي أَجِدُنِي

عِنْدَ بَوَّابَةِ الحَبِيبةِ تَحْتَ شُرْفَتِهَا

بَيْنَ زَهْرَتَينِ ،

بيَْنَ قَنَّاصَتَينِ ،

بَيْنَ دَعْوَتَينِ ،

عَلِّي أَجِدُنِي

بَيْنَ مَلَاكَيْنِ يَتَنَازَعَانِ بَيْنِهِمَا

أَنَا أُرِيدُهُ فِي الشِّمَالِ وَأَنَا أُرِيدُهُ فَي اليَمِينِ

غَيْرَ مُكْتَرِثِينَ لِمَا أُرِيدْ ،

وَمَاذَا عَنِّي إنْ كُنتُ أُرِيدُ أَنْ أُقَبِّلَ يَدَيْ أُمِّي 

وَأَمْسَحُ عَنْ خَدَّيْهَا دَمْعَتَهَا

قَبْلَ الرَّحِيل.









زياد السيقلي 

إرسال تعليق

0 تعليقات